سورة السجدة - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (السجدة)


        


قوله تعالى: {الم تَنزِيلُ الْكِتَابِ} يعني القرآن
{لاَ رَيْبَ فِيهِ} أي لا شك فيه أنه تنزيل
{مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ} والريب هو الشك الذي يميل إلى السوء والخوف، قال أبو ذؤيب:
أسرين ثم سمعن حساً دونه *** سرف الحجاب وريب قرع يقرع
{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ} يعني كفار قريش يقولون إن محمداً افترى هذا القرآن ويكذبه.
{بَلْ هَوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ} يعني القرآن حق نزل عليك من ربك
{لِتُنْذِرَ قَوْماً مَّآ أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ} يعني قريشاً، قاله قتادة: كانوا أمة أمية لم يأتهم نذير من قبل محمد صلى الله عليه وسلم.


قوله تعالى: {يُدَبِّرُ الأَمْرَ} فيه وجهان
أحدهما: يقضي الأمر، قاله مجاهد.
الثاني: ينزل الوحي، قاله السدي.
{مِنَ السَّمَآءِ إِلَى الأَرْضِ} قال السدي من سماء الدنيا إلى الأرض العليا وفيه وجهان:
أحدهما: يدبر الأمر في السماء وفي الأرض.
الثاني: يدبره في السماء ثم ينزل به الملك إلى الأرض وروى عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن سابط أنه قال: يدبر أمر الدنيا أربعة: جبريل وميكائيل وملك الموت وإسرافيل، فأما جبريل فموكل بالرياح والجنود، وأمَّا ميكائيل فموكل بالقطر والماء، وأما ملك الموت فموكل بقبض الأرواح، وأما إسرافيل فهو ينزل بالأمر عليهم.

{ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيهِ} فيه ثلاثة أقاويل
أحدها: أنه جبريل يصعد إلى السماء بعد نزوله بالوحي، قاله يحيى بن سلام.
الثاني: أنه الملك الذي يدبر الأمر من السماء إلى الأرض، قاله النقاش.
الثالث: أنها أخبار أهل الأرض تصعد إليه مع حملتها من الملائكة، قاله ابن شجرة.
{فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ ممَّا تَعُدُّونَ} فيه ثلاثة أقاويل
أحدها: أنه يقضي أمر كل شيء لألف سنة في يوم واحد ثم يلقيه إلى ملائكته فإذا مضت قضى لألف سنة أخرى ثم كذلك أبداً، قاله مجاهد.
الثاني: أن الملك ينزل ويصعد في يوم مسيرة ألف سنة، قاله ابن عباس. والضحاك.
الثالث: أن الملك ينزل ويصعد في يوم مقداره ألف سنة فيكون مقدار نزوله خمسمائة سنة ومقدار صعوده خمسمائة سنة، قاله قتادة: فيكون بين السماء والأرض على قول ابن عباس والضحاك مسيرة ألف سنة، وعلى قول قتادة والسدي مسيرة خمسمائة سنة.
{مِمَّا تَعُدُّونَ} أي تحسبون من أيام الدنيا وهذا اليوم هو عبارة عن زمان يتقدر بألف سنة من سني العالم وليس بيوم يستوعب نهاراً بين ليلتين لأنه ليس عند الله ليل استراحة ولا زمان تودع، والعرب قد تعبر عن مدة العصر باليوم كما قال الشاعر:
يومان يوم مقامات وأندية *** ويوم سيرٍ إلى الأعداءِ تأويب
وليس يريد يومين مخصوصين وإنما أراد أن زمانهم ينقسم شطرين فعبر عن كل واحد من الشطرين بيوم.


قوله تعالى: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} فيه خمسة تأويلات
أحدها: أنه جعل كل شيء خلقه حسناً حتى جعل الكلب في خلقه حسناً، قاله ابن عباس.
الثاني: أحكم كل شيء خلقه حتى أتقنه، قاله مجاهد.
الثالث: أحسن إلى كل شيء خلق فكان خلقه له إحساناً، قاله علي بن عيسى.
الرابع: ألهم ما خلقه ما يحتاجون إليه حتى علموه من قولهم فلان يحسن كذا أي يعلمه.
الخامس: أعطى كل شيء خلقه ما يحتاج إليه ثم هداه إليه، رواه حميد بن قيس.
ويحتمل سادساً: أنه عرف كل شيء خلقه وأحسنه من غير تعلم ولا سبق مثال حتى ظهرت فيه القدرة وبانت فيه الحكمة.
{وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِن طِينٍ} يعني آدم، روى عون عن أبي زهير عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن الله عز وجل خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض فجاء بنوه على ألوان الأرض منهم الأبيض والأحمر وبين ذلك والسهل والحزن والخبيث والطيب وبين ذلك.
{ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ} أي ذريته {مِن سُلاَلَةٍ} لاِنسِلاَلِهِ من صلبه {مِن مَّآءٍ مَّهِينٍ} قال مجاهد ضعيف.
قوله تعالى: {ثُمَّ سَوَّاهُ} فيه وجهان:
أحدهما: سوى خلقه في الرحم.
الثاني: سوى خلقه كيف يشاء.
{وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ} فيه أربعة أوجه
أحدها: من قدرته، قاله أبو روق.
الثاني: من ذريته، قاله قتادة.
الثالث: من أمره أن يكون فكان، قاله الضحاك.
الرابع: روحاً من روحه أي من خلقه وأضافه إلى نفسه لأنه من فعله وعبر عنه بالنفخ لأن الروح من جنس الريح.
{وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ} يعني القلوب وسمى القلب فؤاداً لأنه ينبوع الحرارة الغريزية مأخوذ من المفتأد وهو موضع النار، وخصص الأسماع والأبصار والأفئدة بالذكر لأنها موضع الأفكار والاعتبار.

1 | 2 | 3 | 4